تفاصيل الكتاب
أبتدأ العهد الجمهوري في صباح الرابع عشر من تموز لعام 1958 عندما تمكن لواء من الجيش العراقي من السيطرة على الحكم في العاصمة بغداد وأعلن عن الغاء النظام الملكي بعد أن قام بقتل رموزه وعلى رأسهم الملك وولي عهده وأبرز السياسيين العاملين معه، واعلن قادة الانقلاب عن تغيير نظام الحكم من الملكي الى النظام الجمهوري منذ ذلك اليوم، وقد تغير النظام عدد من المرات في الفترة الزمنية الواقعة بين تاريخ 1958 الى عام 2003 بفعل الانقلابات العسكرية التي حدثت خلال هذه المدة، وحكمت كلها تحت لافتة العهد الجمهوري.
وكان من ابرز سمات هذا العهد التدخل المباشر للجيش في الحكم، واحتكار العسكريين لمنصات الحكم والصراعات التي كانت تجري بينهم من اجل السيطرة على الحكم، مما أدى الى تبدل رموز السلطة بشكل دوري، ولم يحدث تداول سلمي للسلطة في هذا العهد الا مرة واحدة بعد وفاة الرئيس عبد السلام عارف حيث انتقلت السلطة من بعده الى أخية عبد الرحمن عارف، في حين كان يجري التغيير من شخص لآخر عن طريق القوة بانقلاب عسكري أو بالإطاحة بالرئيس بإجباره على الاستقالة كما جرى مع الرئيس احمد حسن البكر، لقد أدى ذلك الى تعدد المناهج والسياسات والآليات التي اتبعت في تسيير دفة الحكم وادارة الدولة، ولقد فرض ذلك على الباحثين أن يقوموا بتقسيم هذا العهد الى مراحل أو عهود متعددة كل حسب رؤيته.
ومن جانبنا فقد قمنا بتقسيمه الى ثلاث عهود اسميناها على التوالي العهد الجمهوري الأول والعهد الجمهوري الثاني والعهد الجمهوري الثالث، وقد شمل العهد الجمهوري الأول فترة حكم عبد الكريم قاسم الذي يطلق عليه البعض (العهد القاسمي)، فيما بدأ العهد الجمهوري الثاني بعد اسقاط حكم عبد الكريم قاسم في الثامن من شباط عام 1963م بانقلاب عسكري قام به حزب البعث العراقي، وقد انقسم هذا العهد الى ثلاث مراحل بدأت بفترة حكم البعث الأول الذي حكم فيه العراق حزب البعث العربي العراقي، وقد نصب البعثيون عند مجيئهم الى السلطة السيد عبد السلام عارف، وهو غير بعثي، رئيسا للجمهورية، ولكن الحكم الفعلي كان لهم، لذلك قمنا بتسمية فترة الحكم هذه باسمهم (حكم البعث الأول)، وقد أشير اليها بالأول لأن لهم جولة أخرى في الحكم لاحقا، ثم تلاه ما سمي (حكم الأخوين عارف) وفيها حكم (عبد السلام عارف) بشكل مباشر بعد أن تمكن من اسقاط زملاءه البعثيين وازالتهم من الحكم بعد تسعة أشهر من بداية حكمهم، وقد حدث ذلك في تشرين ثاني من نفس العام، وقد خلف السيد (عبد الرحمن عارف) أخوه بعد وفاته بحادث سقوط طائرة في رحلة محلية لينتهي الأمر بإسقاط حكمه في السابع عشر من تموز من عام 1968 ليبدأ العهد الجمهوري الثالث الذي عاد فيه البعثيون لحكم العراق مرة ثانية فيما اسمي من قبل البعض بعهد (البعث الثاني)التي حكم فيها رئيسين.
وقد قسمنا البحث الى ثمانية فصول خصصنا أولها للعهد القاسمي وثلاث بعدها للعهد الجمهوري الثاني بأقسامه الثلاث وهي البعث الأول وعارف الأول وعارف الثاني والفصول الخامس والسادس والسابع للعهد الجمهوري الثالث طول مدته وكثرة أحداثه أما الفصل الثامن فقد خصص لدراسة استراتيجية العهد الجمهوري في الحكم كما درجنا على ذلك في الجزء الأول.