تفاصيل الكتاب
الحيرة والكوفة والنجف.. مدن أسهمت عبر التاريخ ، بما تمتلكه من مقوِّمات في صناعة ثقافة الامة ، انطلاقا من وحدة الموقع الجغرافي لمنطقة (مدن المثلث الحضاري الثلاث)، ومن ثمَّ العلاقة الحضارية بينها.
و يرجع تاريخ هذه المنطقة إلى عصور قديمة، ما قبل عصر الملك البابلي (بختنصر 626 ـ 539 ق.م) وملوك المناذرة.. الى السريان واليعاقبة.. وقد بُنيت فيها قصورٌ وأديرةٌ ومعابدُ وقلاع.. ومع بداية العهد الاسلامي حيث انطلق الاشعاع الحضاري للاسلام من المدينة المنورة ثم تنقل ما بين البصرة وغيرها من أمصار العالم الإسلامي لتبلغ ذروتها في (الكوفة)، بعد أن اتخذها الإمام علي (ع) عاصمة للدولة الإسلامية، وأسّس في مسجدها المعظّم أولَّ مدرسة تُعنى بعلوم الشريعة والفكر واللغة والأدب.
وبدأت العمارة تتسع في النجف، وبدأ السكن ينمو تدريجيا، مع ظهور قبر الإمام علي في القرن الثاني الهجري ، ثمَّ قدوم الشيخ الطوسي عام (448هـ/ 1056م) إليها؛ حيث اقام فيها وأسس مدرستها العلمية ، التي زالت منارة يتوافد نحوها الآف من طالبي العلم ورواد المعرفة..
ولذلك فان رمزية هذه الحاضرة تنطلق من عراقة وعمق تاريخها.. وموقعها المتميز والفاعل في الخلافة الاسلامية.. وكونها كانت وما زالت رمزا للامامة ومنهلا للعلم..