تفاصيل الكتاب
ينتمي ماجد الغرباوي إلى زمان ثالث في الحوزة، تمثله جماعةٌ قليلة من طلاب علوم الدين العراقيين يمتلكون رؤيةً تجديدية. تميز هؤلاء بعدم ارتداء زي رجال الدين. لبث ماجد سنوات طويلة في الحوزة تلميذًا وأستاذًا ومؤلفًا.. ماجد وأقلية من فقهاء عراقيين من جيله، لم ينشغلوا بالبحث عن إجازة اجتهاد،كما يفعل غيرُهم من زملاء معممين، كانوا شغوفين بالحصول على اعتراف أساتذتهم في البحث الخارج، ليمنحهوهم تلك الإجازةَ قبل عودتهم إلى ديارهم. فرض ماجد وجيلُه على المنصِفين من الخبراء بالفقه وعلوم الدين الاعترافَ بتكوينهم اللافت في علوم الدين. لم يقتصر هؤلاء على تخصّصهم في علوم الدين، بل كانوا منهمكين بملاحقة المعطيات الجديدة في الفلسفة وعلوم الإنسان والمجتمع، وواكبوا التيارات المتنوعة في الفكر العربي والإيراني، وشكلوا تيارًا أفرادُه قليلون، إلا أنهم كانوا يمثلون صوتًا جديدًا في المحيط الحوزوي، لا أقول متمرِّدا، بل كان صوتًا ليس مألوفًا. ظل هذا الصوتُ وفيًا للتراث، وإن كان هذا الوفاءُ من نوعٍ مختلف، وفاء من تشبّع بمناخات التراث، واستوعبه استيعابًا علميًا، بعد العيش في طبقاته سنوات طويلة، درسًا وتدريسًا، واستطاع بشجاعةٍ عبورَه، وهو يتحدث ويكتب عن عناصره الميتة المعبِّرة عن عصرها، وعناصره المميتة، مثل مقولات التكفير وفتاوي الارتداد، ومعاداة الإنسان المختلِف في المعتقَد.
ماجد الغرباوي صديق صدوق نادر، أنا محظوظٌ بهذه الأخوة الإيمانية والأخلاقية والمعرفية الأصيلة بيننا. ماجد إنسان أخلاقي وفيّ مهذب، قليل الكلام، إن تحدّث يتحدّث همسًا تكاد لا تسمعه، يمتلك ذكاءً حادًّا، تدهشك أسئلتُه اللاهوتية، أعترف أني مدينٌ لشيءٍ من هذه الأسئلة في إيقاظ السؤال اللاهوتي في وقتٍ مبكر في ذهني. أنا إنسانٌ أعيش بالمحبة، وأستثمر بالمحبة الأصيلة، محبتي لأخي الحبيب ماجد الغرباوي مُشبَعةٌ بالإيمان والصدق والاخلاص،
ا. د. عبد الجبار الرفاعي